السبت، 19 نوفمبر 2011

لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها

سمعت مرة عمرو خالد يتحدث عن السيدة مريم, لم أتابع كل ما قال ولكن جملة واحدة رسخت في ذهني بما أنه بارع في التكرار "كوني مريمية" ! وهي تعني دعوة المرأة المسلمة إلى أن تتحلى بأخلاق السيدة مريم! أن تكون عذراء عفيفة تنعزل عن العالم للتفرغ للعبادة وتنتظر معجزة ما تضعها في صفوف النساء!!! وطبعا ما يهمني هنا ليس السيدة مريم لأن مقامها محفوظ وقصتها معلومة وأنا لا أعترض على مكانتها وسيرتها فهي حالة خاصة في تاريخ البشرية بكل المقاييس... ما يثيرني هو مطالبة الفتاة المسلمة بأن تكون مريمية أي أن تشبه امرأة ليست ككل النساء ولا مجال لمقارنتها بمن سواها ولا بمطالبة أحد بالتشبه بها حتى في عفافها فهي قد اختارت أن تعتزل العالم والناس وأن تتخذ من أهلها مكانا قصيا وتتفرغ للعبادة وبنت القرن الواحد والعشرين ليس عليها أن تختار العزلة بل عليها أن تتعلم وتشتغل وتركب وسائل النقل العامة وتمشي في الأسواق وتسابق الرجال وتتزوج وتحمل وتُطلّق وتترمّل ووو... إلى آخر ذلك من الأمور البشرية التي لا علاقة بها ب"كوني مريمية"!

ثم سمعت الكثير من الآراء التي تحث المرأة المسلمة على الاقتداء بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتجعل منهن المثل الأعلى وهذا طبيعي بما أنهن أمهات المؤمنين ومن آل بيت رسول الله ولكن ما يثيرني مرة أخرى هو أن تتغاضى هذه الدعوة عن ما قاله الله تعالى في حقهن من أنهن لسن كأحد من النساء وأن وضعهن خاص جدا فهن نساء النبي وقد خيّرهن الله بين أن يقبلن بما يقتضيه هذا التشريف من شروط وبين أن يطلّقهن الرسول فيعدن إلى وضعهن الأول وهو أن يكنّ كغيرهن من النساء! من هته الشروط ملازمة البيوت والحديث إلى الرجال من وراء حجاب واستحالة الزواج برجل آخر بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا ما يجعل من هذه الشروط خاصة بهنّ دون غيرهنّ وليس من الحكمة ولا من الإنسانية في شيء مطالبة نساء العالمين بالتحلي بصفات لا تخصهن ووضعِهنّ في اختبار خاضته أمهات المؤمنين طوعا مقابل أن تكنّ زوجات النبي في الدنيا وتفزن بالجنة في الآخرة!

ثم سمعت الشيخ عمرعبد الكافي يرفع سقف طموحات المرأة المسلمة أكثر فأكثر والمثالية ليست غريبة على هذا الشيخ الجليل! ووجدته يستشهد في معرض حديثه عن عمل المرأة الذي لم يكن يوما مقتنعا به, بالحور العين "المقصورات في الخيام"! وهكذا يتدرّج المثل الأعلى للمرأة المسلمة من السيدة مريم وزوجات الرسول إلى الحور العين ومن الحالات البشرية الخاصة إلى الحالة الملائكية في جنات النعيم وأصبح مطلوبا من المرأة أن تكون ملائكية ولم يبق لعبد الكافي إلا أن يطالبها بأن تدوم لذة جماعها سبعين عاما والله ولي التوفيق!!!!


هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

رائع يا سيدتي وأشاطرك الرأي. فقط أذكّرك أنّ الله لا يظلم أحدا. وأنّ المرأة الصالحة تكون في الجنّة سيدة الحور العين. حتى أنّ زوجها لا يكاد يعرفها من شدّة جمالها وحسنها. وكلٌ مسخرٌ لما خلق من أجله وسوف يرضي الله كل فرد يوما القيامة (وما عند الله خير للأبرار).

CHAMS AL ASSIL يقول...

شكرا على مرورك! ما أريده لكل امرأة عبر مرورها من الطفولة الأولى إلى الحياة الأخرى أن تحس بجمالها وقوتهاوأن لا تكون أنوثتها عبئا ثقيلا عليها! لا أحب لأحد أن يعيش تعيسا في انتظار السعادة الأبدية!