السبت، 17 مارس 2012

الدّرج

هذا ما بقي لدي من سنوات طويلة قضيتها في حبك من خيبة أمل لأخرى, في البحث عنك من ركن لآخر, في انتظارك من موعد لآخر, في التألم من لا مبالاتك بين دقة قلب وأخرى...
لم يبق لي سوى ذكرى ذلك الدرج الذي طالما صعدته بخطى بعثرها الشوق والخوف, بقلب يسبقني فرحة ولهفة, بأنفاس متقطعة, بعيون زائغة, بصدر يخشى سعادة قد لا يتسع لها وألما قد لا يستطيع تحمله...
كم نثرت على ذلك الدرج من أحلام وآمال وخيبات...
كم أنفقت في سبيله من ساعات انتظار...
كم وقفت أمامه حائرة مترددة, كم صعدت وكم نزلت,  كم مرة تعثرت, كم من الأشياء أسقطت, كم من الدموع ذرفت...
وأنت؟ لم تكن تترك صعودا ونزولا إلا دخان سيجارة عابرة... على نفس ذلك الدرج!!!

 

الأحد، 4 مارس 2012

لمحة عن الفيلم الإيراني "SEPARATION"



شاهدت هذا الفيلم في إحدى قاعات السينما في باريس في شهر جويلية الماضي وقد أعجبت به كثيرا ولم أتفاجأ بنيله فيما بعد الكثير من الجوائز آخرها جائزة الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية فهو حسب تصوري ورغم معرفتي السّطحية بعالم السينما فيلم خارج عن المألوف لأنه ينقل لك الحياة الواقعية كما هي بدون تجميل ولا تشويه ولا تشويق مزيف! القصة شائكة ومؤلمة ومشوّقة في ذاتها وتضعك في مأزق أخلاقي وديني واجتماعي وتربوي وتجعلك تندمج مع الأحداث متسائلا ماذا كنت سأفعل لو كنت مكان كل واحد من الأبطال فالفيلم عبارة عن بطولة جماعية إن صح التصنيف بين شخوص الابن وأبيه وزوجته وابنته من جهة والمعينة المنزلية وزوجها من جهة أخرى وتنبني القصة على سوء تفاهم كبير يضع الأسرتين في أكثر من وضع يصعب فيه الاختيار (dilemme)! وقد سمّي الفيلم SEPARATION لأنّ الأحداث تتفجّر من خلال رغبة الزوجة في السّفر خارج إيران لضمان حياة أفضل لابنتها ورفض الزوج للفكرة لأنه لا يريد ترك بلده ولا يستطيع بأي حال من الأحوال التخلي عن أبيه المصاب بالزهايمر فيقرران الانفصال ومن هنا تبدؤ سلسلة المآزق التي تمرّ بها شخصيات الفيلم )ما عدا الأب الذي يحرك الأحداث دون أن يدري(!

أعترف أني دخلت الفيلم بفكرة مسبقة صوّرت لي أنه سيتحدّث عن العنف ضد المرأة أو الاضطهاد الملقى عليها في قضايا الطلاق لكني وجدت رجلا مظلوما ومطحونا يحاول التمسك بمبادئه في غمرة مشاكل قلبت حياته رأسا على عقب وفيلما لا يضع المرأة في موضع الضحية بطريقة درامية مثيرة للشفقة بل يصوّر نقاط ضعفها وقوتها كما هي حسب الإطار الاجتماعي الذي تظهر فيه فالرجل ليس عدوّها بل هو الفقر والقهر السياسي وحساسيتها المفرطة التي تجعلها تصرّ على الطلاق لأن زوجها بعد عِشرة سنين يعجز أن يقول لها: لا أريد الطلاق لاني أحبك واحتاج إليك!

الفيلم كما يبدو إيراني جدا لأنه واقعي جدا وبصراحة لا أدري إن كان يعكس فعلا الواقع الإيراني ولكن الأكيد أنه لولا الترجمة وبعض التفاصيل )شاهدته باللغة الإيرانية مع ترجمة فرنسية( لأحسستَ أن القصة عربية بتفاصيل إسلامية لا تخطؤها العين كأهمّية الأسرة وبرّ الوالدين والحرص على تربية الأبناء وتعليمهم... هذه الأحداث يمكن أن تحدث في أي بيت عربي لذلك أحسست أني في قلب الفيلم تارة أحسّ أني الأم الحريصة على ابنتها والعاتبة على زوجها وطورا أشعر أنني الابن البار بوالده والمتمسّك بابنته وتارة أخرى أرى نفسي في هذه المرأة الفقيرة التي تخفي أمر عملها في العناية برجل مريض عن زوجها رغبة منها في مساعدته ماديا وتخفي حَملها عن ابن هذا الرجل لئلا يستغني عن خدماتها وهي في كل خطواتها تتّبع هدي فتاوى رجال الدين!

الفيلم حسب رأيي وحسب ما علق في ذاكرتي منه يستحق المشاهدة ولذلك لم أشأ سرد الكثير من التفاصيل! قد لا يكون ممتعا ولا مضحكا لكنه إنساني وواقعي ومُربك ولكم الحكم في النهاية!